كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

فالمقدور عليه: لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللَّبَّة، وهذا مجمع عليه، وسواء فيه الإنسي والوحشي إذا قدر على ذبحه؛ بأن أمسك الصيد، أو كان مستأنسًا.
وأما الوحشي؛ كالصيود والنادِّ من الإنسي، فجميع أجزائها مذبَحٌ ما دامت متوحشة، فإذا رماها بسهم، أو أرسل عليها جارحة فأصاب شيئًا منها ومات، حلَّ بالإجماع، وكذا لو تردَّى منها شيء في بئر، ولم يكن قطع حلقومه ومريُه، فهو كالنادِّ في حله بالرمي بلا خلاف في مذهب الشافعي.
وفي حله بإرسال الكلب وجهان: أصحهما: لا يحل.
واعلم أنه ليس المراد بالتوحش مجردَ الإفلات، بل تيسر لُحوقه بِعَدْوٍ، أو استعانة بمن يمسكه، ونحو ذلك. فإذا كان كذلك، جاز رميه. ولا يكلف الصبر على القدرة عليه، سواء كانت الجراحة في فخذه، أو خاصرته، أو أي موضع كان من بدنه.
وممن قال بجواز عقر النادِّ: علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-، وابن مسعود، وابن عمر، والحكم، وحماد، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني، وداود، والجمهور.
وقال سعيد بن المسيب، وربيعة، والليث، ومالك: لا يحل إلا بذكاته في حلقه؛ كغيره، وحديثُ رافع حجة عليهم، والله أعلم.
ومنها: جواز ذبح المنحور ونحر المذبوح، وقد منعه داود، وعن مالك ثلاث روايات: يكره، ويحرم، ويجوز ذبح المنحور دون نحر المذبوح.
وأجمع العلماء على أن السنة في الإبل النحرُ، وفي الغنم الذبحُ، وفي البقر كالغنم عندنا وعند الجمهور، وقيل: يتخير بين ذبحها ونحرها.
ومنها: التنبيه على أن تحريم الميتة إنما هو لبقاء دمها.
ومنها: التصريح بمنع الذبح بالسن والظفر مطلقًا، ويجوز الذبح بكل ما له حد يقطع غيرهما؛ كالسيف والسكين والسنان والحجر والخشب والزجاج

الصفحة 1632