كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

وقال غيره: هو شراب العسل، وهو خمر أهل اليمن (¬1).
وفي الحديث دليل: على تحريمه، وتحريم كل مسكر.
وأهل الحجاز يرون أن المراد بالشراب: الجنس والعين، والكوفيون يحملونه على القدر المسكر.
وعلى قول الأكثرين الأولين؛ يكون المراد بكونه أنه مسكر بالقوة؛ أي: فيه صلاحية ذلك، والله أعلم.
* * *

الحديث الثالث
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ فُلاَنًا! ألَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ! حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا" (¬2).
جملوها: أذابوها.
فلان المبهم في هذا الحديث الذي باع الخمر، وقال عمر - رضي الله عنه -: قاتله الله؛ هو: سمرةُ بنُ جندب. قاله الخطيب البغدادي في "مبهماته"، وابن بشكوال، والله أعلم (¬3).
وتقدم الكلام على الشحوم وأحكامها وما يتعلق بذلك من الأدهان في آخر باب: العرايا، من كتاب: البيوع.
¬__________
(¬1) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 77)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 94)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 169)، و"لسان العرب" لابن منظور (8/ 4)، (مادة: بتع).
(¬2) رواه البخاري (2110)، كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع وَدَكُه، ومسلم (1582)، كتاب: المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
(¬3) انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (2/ 604).
قلت: قد جاء مصرّحًا باسم سمرة بن جندب - رضي الله عنه - في رواية مسلم، فعزو ذلك إلى الخطيب وابن بشكوال من الغرابة بمكان، والله أعلم.

الصفحة 1649