كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

كتاب الجهاد
الحديث الأول
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ، حَتَّى إِذا مَالَتِ الشَّمْسُ، قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ! لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلوا اللهَ العَافِيةَ، فَإذَا لَقِيتُمُوهُمْ، فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجِنة تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ"، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ مُنْزِلُ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ! اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ" (¬1).
أما عبد الله بن أبي أوفى؛ فتقدم الكلام عليه قريبًا.
وأما انتظاره - صلى الله عليه وسلم - حتى مالت الشمس، وأنه قام فيهم، فقال: "يا أيها الناس ... " وفي رواية في غير هذا الحديث: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يقاتل أول النهار، انتظر حتى تزول الشمس (¬2).
فقال العلماء: سببه أنه أمكنُ للقتال؛ فإنه وقتُ هبوب الرياح ونشاط النفوس، وكلما طالَ ازدادوا نشاطًا وإقدامًا على عدوهم. وفي "صحيح
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2861)، كتاب: الجهاد والسير، باب: لا تمنوا لقاء العدو، ومسلم (1742)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كراهة تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء.
(¬2) رواه أبو داود (2655)، كتاب: الجهاد، باب: في أي وقت يستحب اللقاء، والترمذي (1613)، كتاب: السير، باب: ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال، وقال: حسن صحيح، والإمام أحمد في "المسند" (5/ 444)، وغيرهم، عن النعمان بن مقرن - رضي الله عنه -.

الصفحة 1673