كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

ولازمه ومتعديه واحد، قال الله تعالى {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 83].
وقوله: "إلى مسكنِه نائِلًا ما نالَ من أجرٍ أو غَنيمةٍ"؛ أما المسكن؛ فهو بفتح الكاف وكسرها.
وأما قوله: "نائلًا ما نالَ"؛ فهو اسم فاعل من نال. والنيل: العطاء. وقد فسره في الحديث بالأجر والغنيمة.
وأما قوله: "من أجرٍ أو غنيمةٍ"؛ "أو" هنا للتقسيم بالنسبة إلى الغنيمة وعدمها، فيكون معناه: أنه يرجع إلى مسكنه مع نيل الأجر إن لم يغنموا، أو معه إن غنموا.
وقيل: "أو" هنا بمعنى الواو؛ أي: مع أجر وغنيمة. وقد روى مسلم في "كتابه" من رواية يحيى بن يحيى، وأبو داود في "سننه": بالواو دون أو (¬1).
ومعنى الحديث: أن الخارج للجهاد ينال خيرًا بكل حال؛ فإما أن يستشهد فيدخل الجنة، وإما أن يرجع بأجر، وإما بأجر وغنيمة.
وقد عورض هذا الحديث بحديث آخر، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: وإما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم، إلا كانوا قد تَعَجَّلوا ثُلثي أجرهم"، و"ما من غازية أو سَرِيَّةٍ تخفقُ أو تُصاب، إلا تَمَّ لهم أجرُهم" (¬2). والإخفاق: أن يغزو فلا يغنم شيئًا.
قال شيخنا الإمام أبو الفتح بن دقيق العيد -رحمه الله-: وهذه [المعارضة] (¬3) ذكر القاضي -يعني به: عياضًا- معناها عن غير واحد، وعندي:
¬__________
(¬1) رواه مسلم (1876)، (3/ 1496)، كتاب: الإمارة، باب: فضل الجهاد والخروج في سبيل الله.
وقد رواه أبو داود (2494)، كتاب: الجهاد، باب: فضل الغزو في البحر، عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه -.
(¬2) رواه مسلم (1906)، كتاب: الإمارة، باب: بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.
(¬3) في "ح": "العارضة".

الصفحة 1681