كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

وفيه: تنبيه على اجتناب الأخفِّ خوفًا من الأشدِّ؛ فإن فضيحة القيامة أشدُّ فضيحة من فضيحة الدنيا؛ حيث إن الأمر يشهده الأولون والآخرون فيها، والله أعلم.
* * *

الحديث الحادي عشر
عَنْهُ أيضًا: أَنَّ امْرَأةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتُولَةً، فَأنكرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاء وَالصِّبْيَانَ (¬1).
أعلم أن النساء جمعٌ لا واحدَ له من لفظه، وكذلك النسوان والنسوة.
وأما الصِّبيان؛ فبكسر الصاد وضمها؛ جمع صَبِيّ، ومثل الصبيان في اللفظ: قضيب وقضبان، ورغيف ورُغفان. وفيهما اللغتان.
ولا شك أن النساء والصبيان ليس في نفوسهم من إحداث الضرر والميل إليه ما في نفوس الرجال المقاتلين، والأصل عدمُ إتلاف النفوس، إنما أبيح من إتلافها ما يقتضيه رفع المفسدة، والغالب عدم القتال من النساء والصبيان، فرفع عنهم القتل؛ لعدم مفسدة المقاتلة في الحال الحاضر، ورجاء هدايتهم عند بقائهم، ولعدم ميل نفوسهم إلى التشبث الشديد بما يكون عليه الرجال كثيرًا وغالبًا من المنع والممانعة حال المقاتلة، والله أعلم.
وأجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فلو قاتلوا، قال جماهير العلماء: يُقتلون.
وأما شيوخ الكفار؛ فإن كان فيهم رأي، قُتلوا، وإلا، ففيهم وفي الرهبان خلاف:
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2851)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل الصبيان في الحرب، ومسلم (1744)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب.

الصفحة 1696