كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

قال: وأجازهم يوم الخندق.
قال: وقد قيل: إن بعض هؤلاء إنما رده يوم بدر، وأجازه يوم أحد، وإنما رد من لم يبلغ خمس عشرة، وأجاز من بلغها. هذا آخر كلامه (¬1).
قلت: وممن رُدَّ يوم أحد عقيبُ بن عمرو، [وأخوه] (¬2) سهيل بن عمرو، وزيد بن حارثة الأنصاري، وسعد بن حَبتة، استُصغروا يوم أحد.
وسعد بن حَبتة: هو جد أبي يوسف القاضي، واسمه يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن حَبتة، أنصاريُّ، وحَبْتَة: أم سعد، وهي بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح التاء المثناة فوق، ثم هاء التأنيث، والله أعلم.
وقوله: "لم يجزني، وأجازني" معناه: جعلني يوم الخندق رجلًا لي حكم الرجال المقاتلين.
وفي الحديث دليل: على أن البلوغ بالسن محدد بخمس عشرة سنة، وهو مذهب الشافعي، والأوزاعي، وابن وهب، وأحمد، وغيرهم.
قالوا: وباستكمال خمس عشرة سنة يصير مكلفًا، وإن لم يحتلم، فتجري عليه الأحكام؛ من وجوب العبادات، وغيرها، ويستحق سهم الرجل من الغنيمة، ويقتل إن كان من أهل الحرب.
وقال بعضهم: لا يحكم ببلوغه بالسن إلا بعد سبع عشرة سنة، وقيل: بعد ثمان عشرة سنة.
واعتذر عن هذا الحديث بأن الإجازة في القتال حكم منوط بإطاقته والقدرة عليه؛ فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر في الخمس عشرة؛ لأنه رآه مطيقًا للقتال، ولم يكن ميقاتًا؛ لأنه أراد الحكم على البلوغ وعدمه.
¬__________
(¬1) انظر: "الدرر في اختصار المغازي والسير" لابن عبد البر (ص: 147).
(¬2) في "ح": "وأخو".

الصفحة 1707