كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

ومؤنة الفرس أكثر من مؤنة الفارس، وتأثيره في القتال أكثر، ولو حضر بأفراس، لم يسهم إلا لفرس واحد.
هذا مذهب الجمهور؛ منهم: الحسن، ومالك، وأبو حنيفة، والشافعي، ومحمد بن الحسن.
وقال الأوزاعي، والثوري، والليث، وأبو يوسف: يسهم لفرسين.
وروي مثله -أيضًا- عن الحسن، ومكحول، ويحيى الأنصاري، وابن وهب، وغيره من المالكيين. قالوا: ولم يقل أحد: إنه يسهم لأكثر من فرسين إلا شيئًا روي عن سليمان بن موسى: أنه يسهم، والله أعلم.
* * *

الحديث السابع عشر
وعَنْهُ أيضًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الجَيْشِ (¬1).
اعلم أن للإمام نظرًا ومدخلًا في المصالح المتعلقة بالمال، أصلًا وتقديرًا، على حسب المصلحة، لا بحسب التشهي، والله أعلم.
وحيث أطلق العلماء النظر للإمام أو نائبه أو غيرهما، إنما يعنى به هذا، لا التشهي، والله أعلم.
وقد تقدم ذكر النفل بمعنى إعطاء الإمام لسرية أو لبعض الجيش خارجًا عن السُّهمان، وهو المراد في هذا الحديث. لكنه ليس مبينًا أنه من رأس الغنيمة أو من الخمس؛ فإن اللفظ محتمل لهما جميعًا، والناس مختلفون في ذلك. وقد تقدم ذلك وذكر قائله، ومذاهبهم فيه في الحديث التاسع من كتاب الجهاد هذا.
وقد وردت أحاديث تدل على أن هذا النفل من أصل الغنيمة، رواها أبو داود
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2966)، كتاب: الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، ومسلم (1750)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الأنفال.

الصفحة 1713