كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

وعند أبي يوسف، ومحمد: لما لم يتجزأ الإعتاق، عتق كله، ولا يملك إعتاقه.
ولهما أن يستدلا بالحديث من جهة ما ذكرناه من تعيين القيمة فيه، ومع تجزيء الإعتاق لا تتعين القيمة.
ومنها: وجوب قيمة نصيب الشريك على المعتق نصيبه؛ للحديث: "أنه يقوم عليه قيمة العدل"، فيدفع لشركائه حصصهم، فإن دلالة سياقه لا شك فيها على هذا الحكم، وذلك يرد مذهب من يرى أن باقي العبد يعتق من بيت مال المسلمين، وهو مروي عن ابن سيرين - رحمه الله تعالى -، ومقتضاه التقويم على الموسر.
وذكر بعضهم قولًا آخر: أنه ينفذ عتق من أعتق، ويبقى من لم يعتق على نصيبه يفعل فيه ما يشاء.
وروي في ذلك عن عبد الرحمن بن زيد قال: كان بيني وبين الأسود غلامٌ شهد القادسية، وأبلى فيها، أرادوا عتقه، وكنت صغيرًا، فذكر ذلك الأسود لعمر - رضي الله عنه -، فقال: أعتقوا أنتم، ويكون عبد الرحمن على نصيبه حتى يرغب في مثل ما رغبتم فيه، أو يأخذ نصيبه (¬1).
وفي رواية عن الأسود قال: كان لي ولإخوتي غلام أبلى يوم القادسية، فأردت عتقه، فذكرت ذلك لعمر، فقال: أتفسدُ عليهم نصيبهم حتى يبيعوا؟! فإن رغبوا فيما رغبت فيه، وإلا لم يفسد عليهم نصيبهم، فقال بعضهم: لو رأى التضمين، لم يكن ذلك إفسادًا لنصيبهم (¬2).
قال شيخنا الإمام أبو الفتح بن دقيق العيد - رحمه الله -: والإسناد صحيح،
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (21729)، ومن طريقة البيهقي في "السنن الكبرى" (10/ 278).
(¬2) انظر: "المحلى" لابن حزم (9/ 191)، وقوله: فقال بعضهم: لو رأى التضمين لم يكن ذلك إفسادًا لنصيبهم. هو من كلام ابن حزم في "المحلى".

الصفحة 1738