كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 3)

الحديث الثاني
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ، فَعَلَيْهِ خَلاَصُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ؛ قُوِّمَ المَمْلُوكُ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ استسعى غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيهِ" (¬1).
اعلم أن هذا الحديث قد روياه في "الصحيحين"، لكن في لفظ الاستسعاء خلاف بين الرواة، فمنهم من فصله من الحديث، وجعله من رأي قتادة.
قال الدارقطني: روى هذا الحديث شعبة، وهشام عن قتادة، وهما أثبت، فلم يذكر فيه الاستسعاء، ووافقهما همام، ففصل الاستسعاء من الحديث، فجعله من رأي قتادة، قال: وعلى هذا أخرجه البخاري، وهو الصواب (¬2)!
قال الدارقطني: وسمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام وضبطه! ففصل قول قتادة عن الحديث (¬3).
وقال القاضي عياض - رحمه الله -: قال الأصيلي، وابن القصار، وغيرهما: من أسقط السعاية من الحديث، أولى ممن ذكرها، ولأنها ليست في الأحاديث الأخر من رواية ابن عمر (¬4).
وقال ابن عبد البر: الذين لم يذكروا السعاية أثبتُ ممن ذكرها (¬5).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2370)، كتاب: الشركة، باب: الشركة في الرقيق، ومسلم (1503)، كتاب: العتق، باب: ذكر سعاية العبد.
(¬2) انظر: "سنن الدارقطني" (4/ 125).
قلت: وقوله: "وعلى هذا أخرجه البخاري، وهو الصواب" ليس من كلام الدارقطني، وإنما هو من كلام القاضي عياض، كما نقله عنه النووي في "شرح مسلم" (10/ 135)، والشارح -كما أسلفنا- يعوّل في عزوه على "شرح مسلم" وغيره، دون الرجوع في غالب الأحيان إلى المصادر الأم.
(¬3) انظر: "سنن الدارقطني" (4/ 127).
(¬4) انظر: "شرح مسلم" للنووي (10/ 136).
(¬5) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (14/ 277).

الصفحة 1740