كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)
وقوله: "أن أصلي"؛ أي: في أن أصلي.
وإنما قدم أنس - رضي الله عنه - هذا القول على روايته؛ لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل؛ ليدل السامعين على: الحفظ، والاهتمام به، وليحقق عندهم المراقبة؛ لاتباع أفعاله - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: "حتى يقولَ القائلُ: قد نسيَ"؛ تنبيه على: تطويل فعله - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: حتى يقول القائل؛ في الاعتدال، والجلوس بين السجدتين، على العادة فيه، والمشروع؛ فيحمل القائل فعله - صلى الله عليه وسلم - على النسيان، لا على المشروع.
وفي هذا الحديث نص صريح على أن الاعتدال من الركوع ركن طويل، وكذلك الجلوس من السجدة الأولى، فلا يجوز العدول عنه لقول من قال: إنهما ركن قصير؛ بدليل أن التسبيحات لم يسن فيه استرسالًا كما سنت القراءة في القيام، والتسبيحات في الركوع والسجود مطلقًا.
وفيه دليل: على إحياء السنن إذا أميتت، والإنكار على مخالف السنة.
وفيه: البيان بالفعل، والتنبيه عليه بالقول، والله أعلم.
* * *
الحديث التاسع
عَنْ أنس بْنِ مالِكِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ما صلَّيْتُ وَراءَ إمامٍ قَط أَخَفَّ صَلاةً، وَلا أتَمَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (¬1).
اعلم أن المطلوب في كل أمر العدلُ، وهو الوسطُ في كل شيء، وهذا الحديث من هذا، فيدل على طلب أمرين في الصلاة: التخفيفُ في حق الإمام، مع الإتمام، وعدم التقصير، وذلك هو الوسط العدل، والميلُ إلى أحد الطرفين
¬__________
= العرب" لابن منظور (14/ 72).
(¬1) رواه البخاري (676)، كتاب: الجماعة والإقامة، باب: مَنْ أَخَفَّ الصلاة عند بكاء الصبي، ومسلم (469)، كتاب: الصلاة، باب: أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام.