كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

ونحوها، بجعل الكناية كالصريح، وكذلك في البيع والإجارة وسائر المعاملات، والرجعة والوقف والهبة وكناية لفظ الطلاق وغيرها عند من يقول: كنايتها مع النية كالصريح، وهو الصَّحيح، وكذلك إذا كان عليه ألفان بأحدهما رهن دون الآخر، فأوفاه ألفًا، صرف إلى ما نواه منهما، وكذلك ما أشبه ذلك، ويدخل -أيضًا- في الأيمان والنُّذور، والله أعلم.
وأمّا ما يتعلق بأحكامه:
فاعلم أن النيَّة في جميع العبادات تكون بالقلب كما سبق، ويُسْتحبُّ أَنْ يتلفظ مع ذلك بلسانه، فإِنِ اقْتصَرَ على القلب، كفاه، وإِن اقتصر على اللسان، فلا.
وعن الشَّافعيِّ قولٌ ضعيفٌ غريبٌ؛ أنَّه يكفيه في الزَّكاة اللَّفظ؛ لأنَّها تشبه الدُّيون، ولهذا يجوز تقديمها قبل وقتها، ويأخذها السُّلطان قهرًا؛ ولهذا قال الأوزاعيُّ: لا تجب النيَّة في الزَّكاة.
وقال أبو عبد الله الزبيريُّ -من متقدِّمي أصحابِ الشَّافعيِّ-: يُشترط في نيَّة الصَّلاة نيَّةُ القلب، ولفظُ اللسان، وهو غلط، ولو جرى على لسانه شيء، وفي قلبه غيره، فالاعتبار بالقلب.
وفي اشتراط إضافة العبادة إلى الله تعالى لصِحَّة النيَّة خلاف؛ فالاعتبارُ بالقلب، قال الجمهور: لا يشترط، لَكنْ يُستَحَبُّ، وشَرَطَها أبو العباس بنُ القاصِّ وغيرُه.
وينبغي لِمَنْ أرادَ شيئًا من الطَّاعات أَنْ يستحضرَ النيَّة، فينوي بها وجه الله تعالى.
وهل يشترط ذلك أول كل عمل -وإن قل وتكرر فعله- مقارنًا لأول العمل متصلًا به؟ اشترطه بعضهم، وشرط بعضهم ذلك في أول العمل، ولا يشترطه إذا تكرر، بل يكفيه أَنْ ينوي أول كل عمل، ولا يشترط تكرارها فيما بعد، ولا مقارنتها، ولا الاتصال.

الصفحة 48