كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)
كراهة؛ لحديث جبير بن مطعم في قراءة الطور في المغرب، ولحديث قراءة الأعراف فيها.
وما صحت المواظبة عليه، فهو في درجة الرجحان في الاستحباب، لا أن غيره ممَّا قرأه - صَلَّى الله عليه وسلم - مكروه، والله أعلم (¬1).
* * *
الحديث الرابع
عَنِ البرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: أَن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - كانَ فِي سَفَرٍ، فَصلَّى العِشَاءَ الأَخِيرةَ، فَقَرأَ فِي إحْدَى الرَّكْعَتيْنِ: بالتِّيْنِ وَالزَّيْتُونِ، فَمَا سَمِعْتُ أحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا، أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ - صَلَّى الله عليه وسلم - (¬2).
أما البراء بن عازب، فتقدم ذكره.
ولا شك أن هذا الحديث، والذي قبله؛ متعلقان بكيفية القراءة في الصَّلاة، وقد ثبت عن النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - في ذلك أفعالٌ مختلفة في الطول والقصر، وصنف بعض الحفاظ فيها كتابًا مفردًا.
والذي ذكره الشافعية مختارين له: التطويل في الصبح، والظهر، والتقصير في المغرب، والتوسط في العصر، والعشاء.
وغيرهم يوافق في الصبح، والمغرب، ويخالف في الظهر، والعصر، والعشاء، والذي استقر عليه عمل النَّاس: التطويل في الصبح، والتقصير في المغرب.
ولعل العلة في شرعية ذلك: انبساط النفس، وانبعاثها للتطويل؛ لراحتها بالنوم، واستيقاظها بعده نشيطة، بخلاف المغرب؛ فإنها تكون منقبضة؛ لتعبها
¬__________
(¬1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (2/ 18).
(¬2) رواه البُخاريّ (7107)، كتاب: التوحيد، باب: قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة"، ومسلم (464)، كتاب: الصَّلاة، باب: القراءة في العشاء.