كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

واختلف العلماء، في الأخذ بهذه الأحاديث:
فمنهم: من وقف عليها في مواضعها، ومنع القياس عليها؛ كداود الظاهري، ووافقه أحمد في الصلوات المذكورة خاصة، وخالفه في غيرها، وقال: يسجد فيما سواها؛ قبل السلام، لكل سهو.
ومنهم من قاس: واختلف هؤلاء:
فقال بعضهم: هو غير في كل سهو؛ إن شاء سجد بعد السلام، وإن شاء قبله؛ في الزيادة، والنقص.
وقال أبو حنيفة: الأصل فيه: السجود بعد السلام، وتأول باقي الأحاديث عليه.
وقال الشافعي: الأصل فيه: السجود قبل السلام، وردَّ بقية الأحاديث إليه.
وقال مالك: إن كان السَّهو زيادة: سجد بعد السلام، وإن كان نقصًا: فقبله.
فأما الشافعي، فقال في حديث أبي سعيد: فإن كانت خامسة، شفعها، ونص على السجود قبل السلام، مع تجويز الزيادة، والمجوز كالموجود.
ويتأول حديث ابن مسعود؛ في القيام إلى خامسة، والسجود بعد السلام؛ على أنه - صلى الله عليه وسلم - ما علم السَّهو إلَّا بعد السلام، ولو علمه قبله، لسجد قبله.
وتأول حديثَ ذي اليدين؛ على أنها صلاة جرى فيها سهو، فسها عن السجود قبل السلام، فتداركه بعده.
وأقوى المذاهب هنا: مذهب مالك؛ وهو قول للشافعي، ثم مذهب الشافعي؛ وله قول -أيضًا-: بالتخيير.
وعلى القول بالتفرقة؛ بين الزيادة والنقص، وهو أقواها؛ كما ذكرنا؛ لو اجتمع في صلاة سهوان؛ سهو بزيادة، وسهو بنقص: سجد قبل السلام، أو بعده، للزيادة، والنقص؛ أنه يجزئه، ولا تفسد صلاته، وإنَّما اختلافهم في الأفضل.

الصفحة 531