كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

لأصحاب الشافعي - رحمه الله -، الصحيح عند المتولي: ما ذكرنا، والمشهور في المذهب: أنها تبطل، وهو مشكل، وتأويل الحديث عليه صعب، أما الأفعال القليلة أو الكثيرة المتفرقة، فإنّها لا تبطل قطعًا، خصوصًا إن كانت لعذر، والله أعلم.
ومنها: جوازُ البناء على الصَّلاة بعدَ السلام سهوًا، وجمهورُ العلماء عليه؛ سواء كان السَّهو بعد ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا؛ لأنَّ الأصل في جواز البناء إذا سلم سهوًا؛ لهذا الحديث، وهو ركعتان، وفرعه السلام من ركعة أو ثلاث، فهو في معنى الأصل، ومساو له، وإن خالف القياس عند بعض أهل الأصول، وقد علمنا أن المانع لصحة الصَّلاة إن كان هو الخروج منها بالنية والسلام، وهذا المعنى قد ألغي عند ظن التمام بالنص، فإذًا الفرع في معنى الأصل بلا فرق.
وذهب سحنون من المالكية إلى تخصيص جواز البناء إذا سلم من ركعتين، على ما ورد في الحديث، ولعله رأى أن البناء بعد قطع الصَّلاة ونية الخروج منها على خلاف القياس، وإنَّما ورد النص في هذه الصورة المعينة على خلافه، وهو السلام من اثنتين، فيقتصر على مورد النص، ويبقى فيما عداه على القياس.
ومنها: تقدير القرب في جواز البناء بما ورد في هذا الحديث، وما عداه طويل، فلا يجوز فيه البناء، وهو وجه في مذهب الشافعي، وقدره بعضهم بالعرف، واختاره جمهور الشافعيين، وقدره بعضهم بمقدار الصَّلاة، وبعضهم بمقدار ركعة، وهو مرجوح عندهم، وأبى ذلك بعض المتقدمين، وقال بجواز البناء وإن طال، ما لم ينتقض فيه وضوءه، وروي ذلك عن ربيعة، وقيل نحوه عن مالك، وليس بمشهور عنه، والمختار الأول، خصوصًا على رواية من روى أنه - صلى الله عليه وسلم - وصل إلى منزله، ثم خرج منه.
ومنها: شرعيةُ سجود السَّهو.

الصفحة 540