كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

الترجيح، لكنهما اختلفا في وجه الجمع، وترجح قول مالك بذكر المناسبة في أن سجود السَّهو عند النقص قبل السلام، وعند الزيادة بعده، وإذا ظهرت المناسبة، وكان الحكم على وفقها، كانت علة، وإذا كانت علة، عم الحكم جميع محالها، فلا يتخصص ذلك بمورد النص.
ومنها: أن حكم سهو الإمام يتعلق بالمأمومين، فيسجدون معه، وإن لم يسهُوا؛ بدليل أن القوم سجدوا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسهوه في هذا الحديث لما سجد، وهذا إنَّما يتم في حق من لم يتكلم من الصحابة، ولم يمش، ولم يسلم أنه كان لذلك.
ومنها: أن التكبير في سجود السَّهو كما في سجود الصَّلاة.
ومنها: أنه لا يشرع التشهد بعد سجود السَّهو؛ فإنّه لم يذكر في الحديث، فدل على عدمه في الحكم، وقد فعل العلماء في استدلالهم ذلك كثيرًا، فيقولون: لو كان، لذكر، وقد اختلف أصحاب مالك فيه إذا كان سجودُ السَّهو قبل السلام.
ومنها: جواز رجوع المصلي في قدر صلاة نفسه إلى قول غيره؛ إمامًا كان أو مأمومًا، وهو وجه مرجوح في مذهب الشافعي، ذكره صاحب "التتمة"، والجمهور على خلافه، وقالوا: لا يعمل المصلي إلَّا على يقين نفسه، إلَّا أن يكون المجيزون ممن يحصل اليقين بقولهم، وهو أن يبلغوا إلى حد التواتر، وأجابوا عن هذا الحديث: بأن النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - كان سؤاله لهم ليتذكر، لا رجوعًا إلى قولهم، فلما ذكروه، ذكر، فعلم السَّهو، فبنى عليه، ولو جاز ترك يقين نفسه والرجوع إلى قول غيره، رجع إليه لما قالَ ذو اليدين حين قال له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لم تقصر، ولم أنس"، والله أعلم.
* * *

الصفحة 543