كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

يقال: أبو جهم هذا هو ابنُ أخت أُبي بن كعب، ولست أقف على نسبه في الأنصار، هذا آخرُ كلام أبي عمر -رحمه الله تعالى-، فعلى هذا يكون ما ذكره المصنف من نسبه غلطًا، كيف وقد ذكر الحافظ أبو عمر بعده: أبو الجهيم، قال: ويقال: أبو الجهم بن الحارث بنِ الصمة الأنصاري، أبوه من كبار الصحابة، روى عن أبي جهم هذا عُمير مولى ابن عباس في التَّيمم في الحضر على الجدار، هذا آخر كلام ابن عبد البر.
وحديث التَّيمم المذكور رواه البُخاريّ والنَّسائيُّ وأبو داود، وأخرجه مسلم في "صحيحه" منقطعًا، وهو أحد الأحاديث المنقطعة فيه، ولفظ أبي داود وروايته له من رواية عمير مولى ابن عباس: أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن سيّار مولى ميمونةَ زوجِ النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - حتَّى دخلنا على أبي الجهيم بنِ الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم: أقبلَ رسولُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - من نحو بئرِ جملٍ، فلقيه رجل مسلم فسلَّم عليه، فلم يَرد عليه رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - السلام، حتَّى أتى على جدار، فمسح وجهه ويديه، ثم رد - عليه السلام -.
فمقتضى كلام ابن عبد البر: أن أبا جُهيم راويَ حديث التَّيمم غيرُ راوي حديث المرور بين يدي المصلي، لكن ذكرَ الحفاظِ له روايته يدل على أنه راويهما، وقد صرح بذلك القاضي عياض، فقال: هو المذكور في التَّيمم، قال: وهو غير أبي جَهْم -بفتح الجيم مكبر- الذي قال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم -: "اذهبوا بهذه الخَميصَةِ إلى أبي جَهْم" (¬1)؛ فإن اسمه عامرُ بنُ حذيفة العدوي، وهذا البيان من القاضي عياض إنَّما يجيء على قول من قال في كنية ابن الحارث بن الصمة: أبو الجهم، أما من قال فيه: أبو الجهيم -مصغر بالياء-، فلا يتجه بيانه إلَّا لخوف الاشتباه بالتصحيف، وقد ذكره الحافظ أبو محمد المصنف في "كماله" (¬2) في
¬__________
(¬1) رواه مسلم (556)، كتاب: المساجد ومواضع الصَّلاة، باب: كراهة الصَّلاة في ثوب له أعلام، عن عائشة - رضي الله عنها -.
(¬2) وهو كتاب: "الكمال في أسماء الرجال" للحافظ الكبير أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد =

547

الصفحة 547