كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

الجابية، فاجتمع إليه المسلمون، فجند ومصَّر الأمصار، وفرض الأعطية والأرزاق، ثم قفل إلى المدينة.
وعن الزهري قال: أصاب الناسَ طاعونٌ بالجابية، فقام عمرو بن العاصي فقال: تفرقوا عنه؛ فإنه بمنزلة نار، فقام معاذ بن جبل فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هذه رحمةٌ لهذه الأمة، اللهم فأذكره معاذًا وآل معاذ فيمن يذكره بهذه الرحمة" (¬1).
واتفقوا على أنه مات سنة ثمان عشرة، إلا قولًا شاذًّا أنه مات سنة سبع عشرة، واختلفوا في سنه يوم مات، فالأكثرون على أنه ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: أربع، وقيل: ثمان، وقيل: إحدى وثلاثين، وقيل: ثمان وعشرين.
قال الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي - رحمه الله -: وقبره بغور بيسان في شرقيه - رحمه الله ورضي عنه - (¬2).
أما قول جابر: إن معاذًا كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشاء الآخرة، ففيه دليل على جواز مثل هذا، وإضافة المنكر إلى المعرف، وإذا كان المعرف صفة للمنكر، ويعبر عنه بإضافة الموصوف إلى صفته، وهو مذهب الكوفيين، فيقال: عشاء الآخرة، ومسجد الجامع، ومنعه البصريون، وقالوا حيث جاء إضافة المنكر إلى المعرف في الصفة والموصوف إنما هو بتقدير موصوف معرف محذوف، وهو العشاء الآخرة، وفي مسجد المكان الجامع، والله أعلم.
¬__________
(¬1) رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (8/ 371 - 372).
(¬2) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2/ 347)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (7/ 359)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 368)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 301)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (1/ 228)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1402)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (58/ 383)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 489)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (5/ 187)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 403)، و"تهذيب الكمال" للمزي (28/ 105)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (1/ 443)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضًا (1/ 19)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (6/ 136)، و"تهذيب التهذيب"، له أيضًا (10/ 169).

الصفحة 579