كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)

أن يشغل يده بإمساكه، أولًا، فإن لم يشغل، خِيفَ سقوطه وانكشاف عورته إن كان بعض ثوبه الإزار، وإن شغل، كان فيه مفسدتان: إحداهما: منعُه من الإقبال على صلاته والاشتغال بها، الثانية: أن شغل يديه بالركوع والسجود لا يؤمن معه انكشاف العورة فيهما بسقوط الثوب، مع أنه نقل عن بعض العلماء القولُ بظاهر الحديث، ومنع الصلاة في السراويل والإزار وحده، لأنها صلاة في ثوب ليس على عاتقه منه شيء، وهو مخصوص بغير حالة الضرورة، والأشهر عند جمهور العلماء خلاف هذا على ما حررنا نقله أولًا، وجواز الصلاة بما يستر العورة، وحمل الحديث على كراهة التنزيه؛ حيث لا ضرورة ولا معارض له بأمرٍ أكثرَ مصلحةً للصلاة منه، والله أعلم.
* * *

الحديث الثامن
عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا، وَلْيَعْتَزِل مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ في بَيْتِهِ"، وَأُتِيَ بِقِدْرٍ فِيه خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ، فَأُخْبِرَ بمَا فِيهَا مِنَ البُقُولِ، فَقَالَ: "قَرِّبُوهَا" إلى بَعْضِ أَصْحَابهِ، فَلَمَّا رَآهُ، كَرِهَ أَكْلَهَا، فَقَالَ: "كُلْ؛ فَإِنِّي أُناجِي مَنْ لَا تُنَاجِي" (¬1).
تقدم الكلام على جابر.
أما البقول -في جمع البقل- قال أهل اللغة: البقل: كل نبات اخضرت به الأرض (¬2).
وقوله: "وأُتي بقدر فيه خضرات"، هكذا هو في "صحيح مسلم": بقدر وهو
¬__________
(¬1) رواه البخاري (817)، كتاب: صفة الصلاة، باب: ما جاء في الثوم النيء والبصل والكُرّاث، ومسلم (564)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من كل ثومًا أو بصلًا أو كُرَّاثًا أو نحوها.
(¬2) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (11/ 60)، (مادة: بقل).

الصفحة 587