كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

عند أكثر العلماء عدم جوازه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم الصلاة عليه، وليس فيها ذكر الرحمة، فيتعين لفظ الصلاة، وإن كان معناها السؤال والدعاء والتضرع له - صلى الله عليه وسلم - بالرحمة، فلا تفرد بالذكر، والله أعلم.
وقد استدل بعض أصحاب الشافعي على وجوبها في الصلاة برواية في هذا الحديث في صيغة أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد" إلى آخره، وهذه الرواية صحيحة، رواها الإمامان الحافظان أبو حاتم بن حبان البستي، والحاكم أبو عبد الله في "صحيحيهما"، وقال الحاكم: هي زيادة صحيحة (¬1)، واحتجا بها على الوجوب، واحتجا أيضًا في "صحيحيهما" بما روياه عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي لم يحمدِ الله ولم يمجِّدْه، ولم يصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عَجِلَ هذا"، ثم دعاه النبي فقال: "إذا صلَّى أحدكم، فليبدأ بحمد الله والثناء عليه، وليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليدع بعدُ بما شاء"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم (¬2).
وهذان الحديثان، وإن اشتملا على ما لا يجب بالإجماع؛ كالصلاة على الآل والذرية والدعاء، فلا يمتنع الاحتجاج بهما؛ فإن الأمر للوجوب، فإذا خرج بعض ما تناوله الأمر عن الوجوب بدليل بقي الباقي على الوجوب، والله أعلم.
وأما الصلاة على الآل، فهو سنة، وفي مذهب الشافعي وجه شاذ أنها واجبة، وقد يتمسك لهذا الوجه بلفظة الأمر، لكنه محجوج بإجماع من قبله في عدم وجوب الصلاة على الآل، والله أعلم.
¬__________
(¬1) رواه ابن حبان في "صحيحه" (1959)، والحاكم في "المستدرك" (988)، والإمام أحمد في "المسند" (4/ 119)، وابن خزيمة في "صحيحه" (711)، والدارقطني في "سننه" (1/ 354)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 146)، عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه -.
(¬2) رواه ابن حبان في "صحيحه" (1960)، والحاكم في "المستدرك" (840)، وأبو داود (1481)، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، والترمذي (3477)، كتاب: الدعوات، باب: (65)، والإمام أحمد في "المسند" (6/ 18)، وابن خزيمة في "صحيحه" (710).

الصفحة 607