كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

وقد اختلف في آل النبي - صلى الله عليه وسلم - من هم؟ فاختار الشافعي أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، واختار الأكثرون والمحققون أنهم جميع الأمة وأهل دينه، قال الله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 46]، واختار آخرون أنهم أهل بيته - صلى الله عليه وسلم -، وذريته، والله أعلم.
وأما تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحمد، فتقدم في الكلام على الحديث قبله.
وقوله: "كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد"، أما إبراهيم، وإبراهام، وإبراهم -بضم الهاء وفتحها وكسرها-، فقال الماوردي: معناه بالسريانية أب رحيم، وقال غيره: فيه خمس لغات، وقال الجواليقي وغيره (¬1): أسماء الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- كلها عجمية إلا محمدًا، وصالحًا، وشعيبًا، وآدم، وقال ابن قتيبة: تحذف الألف من الأسماء الأعجمية كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإسرائيل، استثقالًا كما ترك صرفها، وكذا سليمان، وهارون، قال: فأما ما لا يكثر استعماله منها؛ كهاروت، وماروت، وقارون، وطالوت، فلا تحذف الألف في شيء منه، ولا تحذف من داود، وإن كان مشهورًا؛ لأنه حذف منه إحدى الواوين، فلو حذفت الألف، أجحف به، وأما ما كان على وزن فاعِل، كصالح، ومالك، وخالد، فيجوز إثبات ألفه وحذفها بشرط كثرة استعماله، فإن قل؛ كسالم، وحامد، وجابر، وحاتم، لم يجز حذف الألف، وما كثر استعماله ودخلته الألف واللام، تحذف ألفه معهما، وبإثباتها مع حذفهما، تقول: قال الحرث لئلا يشتبه بحرب، فلا تحذف من عمران، ويجوز حذفها وإثباتها في عثمان وسفيان ونحوهما بشرط كثرة استعمالها (¬2).
وقد كثر سؤال المتأخرين عن مقتضى المشبه به، وهو الصلاة على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وآله، والمشبه، وهو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله، مع أن نبينا أفضلُ
¬__________
(¬1) انظر: "المُعَرَّب من الكلام الأعجمي على حرف المعجم" لأبي منصور الجواليقي (ص: 13).
(¬2) انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: 72)، و"تهذيب الأسماء واللغات" له أيضًا (1/ 112).

الصفحة 608