كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

الحديث الصحيح يدل على أن الوتر ركعة من آخر الليل، رواه مسلم في "صحيحه"، وغيره، وقد روى أبو داود، والنسائي، وابن ماجه بإسناد حسن صحيح من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوترُ حقٌّ على كلِّ مسلم، فمن أحبُّ أن يوتر بخمسٍ، فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاثٍ، فليفعل، ومن أراد أن يوتر بواحدةٍ، فليفعل" (¬1)، والله أعلم.
* * *

الحديث الثاني
عَنْ عَائشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إلَى السَّحَرِ (¬2).
تقدم ذكر عائشة - رضي الله عنها -.
السحر: هو وقتٌ قبلَ انفجار الصبح قريب منه.
واعلم أن الليل اسم لجميع الوقت؛ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وقد اختلف علماء السلف ما بين طلوع الفجر الثاني وطلوع الشمس، هل هو من النهار، أم من الليل، أم هو وقت مستقل لا من هذا، ولا هذا؟ وهذا الحديث يدل ظاهره على أنه ليس من الليل؛ لأنه جعل كل الليل وقتًا للوتر، وجعل نهاية الوتر الذي كل الليل وقته السحر أو الفجر، فدل على أن ما بعده ليس من الليل، ولا شك أن أول وقت الوتر لا يدخل فيه ما بين غروب الشمس ووقت العشاء اتفاقًا، مع أنه داخل في قولها: من كلِّ الليلِ أوترَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (1422)، كتاب: الصلاة، باب: الوتر، والنسائي (1712)، كتاب: قيام الليل وتطوع النهار، وابن ماجه (1190)، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع.
(¬2) رواه البخاري (951)، كتاب: الوتر، باب: ساعات الوتر، ومسلم (745)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل.

الصفحة 636