كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

البخاري: أن صلاته من الليل سبع أو تسع (¬1)، يقتضي كل ذلك عدمَ التكرار والدوام، وذكر البخاري ومسلم من حديث ابن عباس: أن صلاته بالليل ثلاث عشرة ركعة، وركعتين بعد الفجر سنة الفجر (¬2)، وفي حديث زيد بن خالد: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين خفيفتين، ثم طويلتين، وذكر الحديث، وقال في آخره: فتلك ثلاث عشرة (¬3).
قال القاضي عياض- رحمه الله - (¬4): قال العلماء: في هذه الأحاديث إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد، واختلف في أحاديث عائشة، واختلافها، فقيل: هو منها، وقيل: من الرواة عنها، فيحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة هو الأغلب، وباقي رواياتها بما كان يقع نادرًا في بعض الأوقات، فأكثرُه خمس عشرة بركعتي الفجر، وأقلُّه سبع، وذلك بحسب ما كان يحصل؛ من اتساع الوقت أو ضيقه بطول قراءة، كما جاء في حديث حذيفة وابن مسعود، أو لنوم، أو لعذر من مرض أو غيره، أو عند كبر السنن كما قالت عائشة: "فلما أسنَّ، صَلَّى سبعَ ركعات" (¬5)، أو تارة بعد الركعتين الخفيفتين في أول قيام الليل كما رواها زيد بن خالد (¬6)، وروتها عائشة في "صحيح مسلم" (¬7) بعد ركعتي الفجر تارة، وبحذفهما أخرى، وقد تكون عدَّتْ راتبةَ العشاء مع ذلك تارة وحذفها أخرى، قال القاضي: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات التي كلما زيدت، زاد الأجر،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (1088)، كتاب: التهجد، باب: كيف كان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
(¬2) رواه البخاري (1087)، كتاب: التهجد، باب: كيف كان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ومسلم (764)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
(¬3) رواه مسلم (765)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
(¬4) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 18).
(¬5) رواه مسلم (746)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض.
(¬6) تقدم تخريجه.
(¬7) تقدم تخريجه.

الصفحة 640