كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

شَيئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنكُمْ إلا مَنْ صنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ " قَالُوا: بَلَى يا رسولَ اللهِ، قَالَ: "تُسَبِّحُونَ وتُكَبِّرونَ وَتَحْمَدُوِنَ دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ ثَلاَثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً"، قَالَ أَبوُ صَالح: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ فَقَالُوا: سَمعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأَمْوَالِ بِمَا فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ذلكَ فَضْلُ اللهِ يُؤتيهِ مَنْ يَشَاءُ". قَالَ سُمَيٌّ: فَحَدَّثْتُ بَعْضَ أَهْلِ الحَدِيثِ فَقَالَ: وهِمْتَ، إِنَّمَا قَالَ لَكَ: تُسَبِّحُ ثَلاَثًا وثلاثِينَ، وتَحْمَدُ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاَثينَ، وَتُكبِّرُ اللهَ ثَلاَثًا وَثَلاثِينَ، فَرَجَعْتُ إلَى أَبي صَاِلح فَقُلْتُ لَهُ ذِلَكَ، فَقَالَ: اللهُ أَكبَرُ وَسُبْحَانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ حَتَّى تَبْلُغَ مِنْ جَمِيعِهِن ثَلاثًا وثَلاَثِينَ (¬1).
أما سمي: فهو قرشي، مخزومي، مولاهم، مدني، ثقة، وثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم، وروى له البخاري ومسلم، قتله الخوارج بقديد سنة إحدى وثلاثين ومئة (¬2).
وأما أبو صالح: فاسمه ذكوان.
وتقدم ذكر أبي هريرة.
وأما الدثور: فهي الأموال، واحدها دَثْر -بفتح الدال المهملة-، وهو المال الكثير (¬3).
وقوله في عدد كيفية التسبيحات والتحميدات والتكبيرات: إن أبا صالح كان يقول: الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة، وظاهر الحديث أنه كان يسبح ثلاثًا وثلاثين مستقلة، ويكبر ثلاثا وثلاثين مستقلة، ويحمد كذلك،
¬__________
(¬1) رواه البخاري (807)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، ومسلم (595)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته.
(¬2) وانظر ترجمته في: "التاريخ الكبير" للبخاري (4/ 203)، و "خلاصة تذهيب التهذيب" للخزرجي (ص: 156)، و "تهذيب التهذيب" لابن حجر (4/ 209)، و "تقريب التهذيب" له أيضًا (تر: 2635).
(¬3) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (4/ 460)، و "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 253)، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 100)، و"شرح مسلم" للنووي (7/ 91)، و"لسان العرب" لابن منظور (4/ 276)، (مادة: دثر).

الصفحة 656