كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)
باب الجمع بين الصلاتين في السفر
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهرِ والعَصْرِ إذَا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، ويَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ (¬1).
تقدم ذكر ابن عباس.
ولفظ هذا الحديث للبخاري دون مسلم، وأطلق إخراجه عنهما نظرًا إلى أصل الحديث على عادة المحدثين، فإذا أرادوا التحقيق فيه، قالوا: أخرجاه بلفظه إن كان، أو بمعناه إن كان.
واعلم أن الفقهاء لم يختلفوا في جواز الجمع في الجملة، لكن أبا حنيفة - رحمه الله - يخصه بالجمع بعرفةَ ومزدلفةَ، وتكون العلة في جوازه النسكَ لا السفرَ، والحنفيون يؤولون أحاديث الجمع بعذر السفر على [أن] المراد بها تأخيرُ الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وتقديم الثانية في أول وقتها، وجعل بعض الفقهاء الجمع نوعين: جمع مقارنة، وجمع مواصلة، قال: فجمع المقارنة كون الشيئين في وقت واحد؛ كالأكل والقيام مثلًا؛ فإنهما يقعان في وقت واحد، وجمع المواصلة أن يقع أحدُهما عقبَ الآخر، وقصد إبطال تأويل أصحاب أبي حنيفة - رضي الله عنه - بما ذكرنا؛ لأن جمع المقارنة لا يمكن في الصلاتين؛ إذ
¬__________
(¬1) رواه البخاري (1056)، كتاب: تقصير الصلاة، باب: الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، ومسلم (705)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.
وهذا لفظ البخاري.