كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)
أما الخطبة -بضم الخاء-، فهي الكلام المؤلف المتضمن وعظًا وإبلاغًا، خطَب يخطُب -بضم الخاء- خِطابًا بكسر الخاء (¬1).
وفي هذا الحديث دليل على ثلاث مسائل في الخطبة:
الأولى: اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة، وهو مذهب الشافعي والأكثرين، قال القاضي عياض: وإليه ذهب عامة العلماء، وقال الحسن البصري، وأهل الظاهر، وابن الماجشون عن مالك: إنها تصح بلا خطبة، وفي دليل اشتراطهما نظر؛ من حيث إنهم استدلوا عليه بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لهما مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أُصلي" (¬2)، وذلك يتوقف على أن تكون إقامة الخطبتين داخلًا تحت كيفية الصلاة، وإذا لم يكن كذلك، لم يبق الاستدلال عليه إلا بمجرد الفعل.
الثانية: اشتراط القيام فيهما، ولا يصح من القاعد، قال ابن عبد البر: إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائمًا لمن أطاقه.
وقال أبو حنيفة: يصح قاعدًا، والقيام ليس بواجب.
وقال مالك: وهو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة.
والذي ذهب إليه الشافعي والأكثرون اشتراطه، وفي دليله من النظر ما ذكرنا في المسألة الأولى.
الثالثة: اشتراط الجلوس بينهما، وأنه فرض من فروضها، قال الطحاوي: لم يقل هذا غير الشافعي (¬3)، وقال مالك، وأبو حنيفة، والجمهور: الجلوس بين
¬__________
= (2/ 205)، و "الثقات" لابن حبان (3/ 52)، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 493)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 224)، و"تاريخ بغداد" للخطيب (1/ 186)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (11/ 199)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (1/ 488)، و "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 149)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (1/ 431)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (2/ 35).
(¬1) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 45)، و"لسان العرب" لابن منظور (1/ 360)، (مادة: خطب).
(¬2) تقدم تخريجه.
(¬3) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 150).