كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط، وفي دليل الاشتراط والفرضية من النظر ما ذكرنا، والله أعلم.
* * *

الحديث الخامس
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ" (¬1).
قوله: "أنصت" معناه: اسكت، وقد ثبت في "صحيح مسلم" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أتى الجمعةَ فاستمعَ وأنصتَ" (¬2)، فجعلهما شيئين متمايزين، ولا شك أن الاستماع الإصغاءُ، والإنصات السكوتُ، ولهذا قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، يقال: أنصتَ ونَصَتَ وانتصت، ثلاث لغات حكاهن الأزهري في "شرح ألفاظ مختصر المزني" (¬3).
وقوله: "فقد لغوت" يقال: لغا يلغو، ولغي يلغى، بالواو والياء في المضارع، وظاهر القرآن يقتضي لغة الياء في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26]، وقد لغوت ولغيت، وهما روايتان في "صحيح مسلم" (¬4).
واللغو واللغي: رديء الكلام وكل ما لا خير فيه، وقد يطلق على الخيبة
¬__________
(¬1) رواه البخاري (892)، كتاب: الجمعة، باب: الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، ومسلم (851)، كتاب: الجمعة، باب: في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة.
(¬2) رواه مسلم (857)، كتاب: الجمعة، باب: فضل من استمع وأنصت في الخطبة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬3) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 113).
(¬4) رواه مسلم (851)، (2/ 583)، كتاب: الجمعة، باب: في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة.
وفيه: قال أبو الزناد في "لغيت": هي لغة أبي هريرة، وإنما هو "فقد لغوت".

الصفحة 682