كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)
اللطيفة، مع أن لفظة راح محتملة لمجرد السير أيَّ وقت كان، كما صرح به الأزهري، وأوله مالك في السعي على مجرد السير.
وقوله: "فكأنما قَرَّبَ بدنةً" معنى قرب: تصدَّق، وأما البدنة، فقال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء: تقع على الواحد من الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك؛ لعظم بدنها، وخصها جماعة بالإبل، وهو المراد بالحديث اتفاقا؛ لأنها قوبلت فيه بالبقرة والكبش (¬1)، وادعى بعض الفقهاء من الشافعية أن استعمال البدنة في الإبل أغلبُ، وبنى على ذلك أنه لو قال: لله علي أن أضحي ببدنة، ولم يقيد بالإبل لفظًا ولا نية، والإبل موجودة، هل يتعين؟ فيه وجهان:
أحدهما: التعين؛ لأن لفظة البدنة مخصوصة بالإبل، أو غالبة فيه، فلا يعدل عنه.
والثاني: أنه يقوم مقامها بقرة، أو سَبْع من الغنم؛ حملًا على ما علم من الشرع من إقامتها مقامها، والأول أقرب.
فإن لم يوجد الإبل ففيه وجهان:
أحدهما: يصبر إلى أن توجد.
والثاني: تقوم مقامها البقرة.
واعلم أن البدنة والبقرة تطلقان على الذكر والأنثى باتفاقهم، والهاء فيهما للوحدة؛ كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس، وأما البقرة، فسميت بها؛ لأنها تبقر الأرض؛ أي: تشقها بالحراثة، والبَقْر: الشقُّ، ومنه قولهم: بقر بطنه، أي: شقه، ومنه سمي محمد الباقر - رضي الله عنه -؛ لأنه بقر العلم، ودخل فيه مدخلًا بليغًا، ووصل منه غاية مرضية.
¬__________
= (1032)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(¬1) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (6/ 136)، و"لسان العرب" لابن منظور (13/ 49)، (مادة: بدن).