كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

والثالث: يستحب لمن تلزمه الجمعة دون النساء والصبيان والعبيد والمسافرين.
والرابع: يستحب مطلقًا لكل أحد، سواء أراد حضور الجمعة أم لا؛ كغسل العيد؛ فإنه يستحب لكل أحد.
الثاني: استحباب التبكير إلى الجمعة والتهجير؛ كما ورد في الأحاديث الصحيحة، ومذهب الشافعي، وجماهير أصحابه، وابن حبيب المالكي، وجمهور العلماء: استحبابُ التبكير إليها أولَ النهار، والساعات عندهم أول النهار، والرواح أوله وآخره كما تقدم ذكره، واختار مالك التهجير، واستدل عليه بأوجه: أحدها: أن التهجير والمهجر إنما يكون في الهاجرة، ومن خرج من بيته عند طلوع الشمس مثلًا، أو بعد طلوع الفجر، لا يقال له: مهجر، وأجيب عن ذلك بأن التهجير مشتق من الهجر، وهو ترك المنزل أيَّ وقت كان، كيف وقد ثبت في "الصحيح" مرفوعًا: "من غَسَلَ واغتسَلَ، وغَدا وابْتكَرَ" (¬1)، وذلك يدل على أن المراد بالتهجير أول النهار؛ لأن الغدو والتبكير إنما يكونان أول النهار؛ لا وقت الهاجرة، قال الخليل بن أحمد وغيره من أهل اللغة: التهجير: التبكير (¬2)، ومنه الحديث: "لو يعلمونَ ما في التَّهجير، لاسْتَبَقُوا إليه" (¬3)؛ أي: التبكير إلى كل صلاة.
الثالث: ما ذكرنا من أن المراد بالساعات: اللحظات، وقد بينا بطلانه هنا، واستدلوا على ما قالوه بأن العرف واستعمال الشرع لا يدلان على استعمال
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (345)، كتاب: الطهارة، باب: في الغسل يوم الجمعة، والنسائي (1381)، كتاب: الجمعة، باب: فضل غسل يوم الجمعة، والترمذي (496)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة، وابن ماجه (1087)، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة، عن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه -.
(¬2) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 115)، و"غريب الحديث" للخطابي (1/ 331)، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (5/ 245)، و"لسان العرب" لابن منظور (5/ 255)، (مادة: هجر).
(¬3) تقدم تخريجه.

الصفحة 688