كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 2)

من علية النساء" (¬1)، وهذا ضد التفسير الأول، ويعضده بعده قوله: "سفعاءُ الخدين" (¬2).
قال شيخنا العلامة أبو زكريا النواوي - رحمه الله -: وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول، بل هي صحيحة، وليس المراد بها خيار النساء؛ كما فسره القاضي، بل المراد امرأة من وسط النساء، جالسة في وسطهن، والله أعلم (¬3).
وقوله: "سَفْعاءُ الخَدَّيْنِ" قال أبو العباس القرطُبي -رحمه الله تعالى- يقال: سَفْعاء -بفتح السين وضمها، وقيل غيره-، وحكاهما أيضًا صاحب "المطالع"، ومعنى السَّفْع: من أصابَ خدَّه لونٌ مخالفٌ لونَه الأصلي من سواد أو حمرة أو غيره، وقال الأصمعي: هو حمرةٌ يعلوها سواد، وقال غيره: هو شحوب بسواد (¬4).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأنكن تُكثرنَ الشَّكاةَ" هو بفتح الشين؛ أي: الشكوى، ولا شك أن الشكاية جائزة إذا اضطررن إليها، فإذا كثرت منهن، دل ذلك على عدم الرضا بقضاء الله تعالى، وعلى عدم وشكره -سبحانه وتعالى-، فيكون إكثارهن لها متعلقًا بالله تعالى، فاقتضى دخول النار.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتكفرْنَ العشيرَ" قال أهل اللغة: العشيرُ: المعاشر والمخالط، ومعناه عند الأكثرين هنا الزوج، وقيل: هو كلُّ مخالط، وقال الخليل: يقال: هو
¬__________
= باب: قيام الإمام في الخطبة متوكئًا على إنسان، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 296)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9805)، والإمام أحمد في "المسند" (1/ 376)، وابن حبان في "صحيحه" (3323)، والحاكم في "المستدرك" (2772)، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(¬2) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 214).
(¬3) انظر: "شرح مسلم" للنووي (6/ 175).
(¬4) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 226)، و"المفهم" للقرطبي (2/ 531).

الصفحة 708