كتاب العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (اسم الجزء: 1)
لكنَّهم جعلوا مثلَه بالصَّغائر، وقالوا: إنَّما تُكَفَّر الكبائرُ بالتوبة، وكان مستندُهم في ذلك وروده مقيدًا في مواضعَ؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، والجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، ورَمَضَانُ إِلَى رَمَضَان، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ؛ مَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ" (¬1)، فجعلوه في هذه الأمور المذكورة مقيِّدًا للمطلق في غيرها.
وفي هذا الحديث دليلٌ على سرعة التَّعليم بالفعل، وأنَّه أبلغُ وأضبطُ في حقِّ المتعلم.
وفيه: جوازُ الاستعانة في طلب الماء، وهو مُجْمَعٌ عليه من غير كراهة.
وفيه: استحبابُ إفراغِ الماءِ على اليدين قبلَ غسلِهما ما لم تتحقَّقْ نجاستُهما.
وفيه: جوازُ إدخالِهما الإناءَ بعدَ غسلِهما، وأنَّه لا يفتقر إلى نيَّة الاغترافِ.
وفيه: استحبابُ التثليث في جميع الوضوء، ما عدا الرأسَ؛ فإنَّه لا يُكرَّر ثلاثًا، وقد ثبتَ في "صحيح البخاريِّ" أنَّه - صلى الله عليه وسلم - مسحَه مرَّةً بعد ذكر التَّثليث في باقي الأعضاء (¬2)، وهو المختار عند المحققين.
وفيه: وجوبُ التَّرتيبِ في أعضاءِ الوضوءِ؛ فإنَّه رتبه الرَّاوي بثُمَّ في معرض البيان، وهي للتَّرتيب، واختلفَ أصحابُنا في ترتيبِه في مسنونِ أعضاءِ الوضوءِ على وجهين.
وفيه: الاستدلالُ بفعلِه - صلى الله عليه وسلم - على الأحكام الشَّرعية، وأنَّ المرجعَ إليه - صلى الله عليه وسلم - في جميعها.
وفيه: استحبابُ تناولِ ماءِ الوضوءِ باليمين، ولم يتعرَّضْ في هذا الحديث لتقديم اليمين على اليسار، لكنَّه ثابتٌ في غيره من حديث عُثْمَانَ وغيره في اليدين
¬__________
(¬1) رواه مسلم (233)، كتاب: الطهارة، باب: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.
(¬2) رواه البخاري (189)، كتاب: الوضوء، باب: مسح الرأس مرة، من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -.