كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 73)

قال: إنه بلغني أن الإنسان «1» - أراه قال-: ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا يوم القيامة- لعله قال: منه- على لسانه إلا قال به خيرا أو أملى به خيرا.
قال وبرة المسلي «2» «3» : أوصى ابن عباس بكلمات، لهن أحسن من الدّهم «4» الموقوفة فقال لي: لا تكلّمن فيما لا يعنيك، فإنه فضل، ولا آمن عليك فيه الوزر، ولا تكلّمن فيما يعنيك حتى ترى له موضعا، فربّ متكلم بالحق قد تكلم بالحق في غير موضعه فعنت، ولا تمارينّ سفيها ولا حليما، فإن الحليم يقليك «5» ، والسفيه يرديك «6» ، ولا تذكرنّ أخاك إذا توارى عنك إلا بمثل الذي تحب أن يذكرك به إذا أنت تواريت عنه، واعمل عمل رجل يعلم أنه مجزيّ بالإحسان، مأخوذ بالإجرام. قال: فقال رجل عنده: يا أبا عباس، هذه خير من عشرة آلاف. قال: فقال ابن عباس: كلمة واحدة منها خير من عشرة آلاف.
قال ابن عباس «7» : لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره عنده، وستره، فإنه إذا عجّله هيّأه «8» ، وإذا صغّره عظّمه، وإذا ستره فخّمه «9» «10» .
قال ابن عباس «11» : أكرم الناس علي جليسي، إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني «12» .
قيل لأن عباس «13» : من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي الذي يتخطى الناس حتى

الصفحة 214