كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 73)

لصدقه؛ رجل مملق ولّيته بيت المال لتعسّر رزقه منذ سنين، من أين لابنه هذا المال؟ ثم قال لإيتاخ: قيّد صاحب بيت المال وابنه حتى نأخذ منهما مئتي ألف درهم وولّ بيت المال غيره.
قال محمد بن عمرو الدّومي «1» :
لله درّ المعتصم ما كان أعقله! كان له غلام يقال له عجيب لم ير النّاس مثله [قط] «2» وكان مشغوفا به، فحارب بين يديه يوما فحسن بلاؤه، فقال لي المعتصم: يا محمد «3» جليس الرّجل صديقه وذو نصحه، ولي عليك حقّ الرئاسة والإحسان، فاصدقني عمّا أسألك عنه؛ فقلت: لعن الله من يقم نفسه إلا مقام العبد النّاصح الذي يرى فرضا عليه أن يضيف كلّ حسن إليك، وينفي كلّ عيب عنك؛ قال: قد علمت أني دون إخوتي في الأدب «4» ، لحبّ أمير المؤمنين الرّشيد [لي] «5» وميلي إلى اللّعب وأنا حدث، فما أبالي ما قالوا «6» ، وقد قاتل عجيب بين يديّ، وأنت تعلم وجدي به وقد جاش طبعي بشيء قلته فإن كان مثله يجوز فاصدقني حتى أذيعه، وإلّا طويته «7» . فقلت: والله لأخبرت ما أمرت؛ فأنشدني «8» :
لقد رأيت عجيبا يحكي الغزال الرّبيبا
الوجه منه كبدر والقدّ يحكي القضيبا
وإن تناول سيفا رأيت ليثا حريبا
وإن رمى بسهام كان المجدّ «9» المصيبا
طبيب مابي من الحب ب لا عدمت الطّبيبا

الصفحة 241