كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 73)

أجلّ مني؟ قلت: لا، قال: لكني أعرفه، رجل في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.... قلت: يا أمير المؤمنين، هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وولي عهد المسلمين؟ قال: نعم، ويلك، هذا خير مني لأن اسمه مقترن باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يموت أبدا، نحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر.
حدث أبو زرعة عن أبيه قال:
كنا بالرقة وبيوتات الأموال تنقل إلى هارون الرشيد، فقدرناها أربعة آلاف وست مئة جمل، ألف وست مئة منها ذهب، وثلاثة آلاف ورق. قال الأصمعي «1» :
دخلت على هارون الرشيد يوم الجمعة، وهو يقلّم أظفاره، فقلت له في ذلك: فقال:
أخذ الأظفار يوم الخميس من السنة. وبلغني أن [أخذها] «2» يوم الجمعة ينفي الفقر. فقلت:
يا أمير المؤمنين، وتخشى أنت أيضا الفقر؟ فقال: يا أصمعي، وهل أحد أخشى للفقر مني؟
حدث إبراهيم بن المهدي قال «3» :
كنت أتغدى مع الرشيد في يوم شات، فسأل صاحب المطبخ: هل عنده برمة من لحم الجزور، فأعلمه أن عنده ألونا منه، فأمر بإحضاره، فقدمت إليه صحفة، فأدخل لقمة منها في فيه، وحرك لحيته عليها مرتين، فضحك جعفر بن يحيى، فسأله الرشيد عن ضحكه، وأمسك عن المضغ، فقال: ذكرت كلاما دار بيني وبين جاريتي البارحة، فضحكت، فقال الرشيد:
هذا محال، فأخبرني بحقي عليك، قال: إذا ابتلعت لقمتك حدثتك، فألقى لقمته من فيه تحت المائدة، فقال له جعفر: بكم يتوهم أمير المؤمنين أن هذا اللون يقوم عليه؟ فقال له الرشيد: أتوهمه يقوم بأربعة دراهم، فقال جعفر: إنه يقوم عليك بأربع مئة ألف درهم، قال:
كيف؟ ويحك! فقال جعفر: سأل أمير المؤمنين صاحب المطبخ من أكثر من أربع سنين «4» عن برمة من لحم جزور، فلم يجدها، فأنكر أمير المؤمنين ذلك علي وقال: لا يفت مطبخي لون

الصفحة 295