كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 73)

منها. قال الأصمعي: فما رأيته قط مبتذلا إلا مرة، فإني دخلت إليه، وفي وجهه تخثّر، وعنده أبو حفص «1» الشطرنجي، فقال لنا: استبقوا، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم، فوقع في نفسي أنه يريد عنان- فقال أبو حفص «2» الشطرنجي بجرأة العميان:
مجلس ينسب «3» السرور إليه لمحب ريحانه ذكراك
فقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم، ثم قال: قد حضرني بيت ثان، قال: هات، فأنشد:
كلما دارت الزجاجة زادت هـ حنينا «4» ولوعة فبكاك
قال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرة آلاف درهم. قال الأصمعي: فنزل بي ما لم ينزل بي قط مثله، إن ابن أبي حفص يرجع بعشرين ألف درهم وبفخر ذلك المجلس، وأرجع صفرا منهما جميعا، ثم حضرني بيت، فقلت: يا أمير المؤمنين، قد حضرني ثالث، قال:
هاته، فأنشأت أقول:
لم ينلك المنى بأن تحضريني «5» وتجافت أمنيّتي عن سواكفقال: أحسنت، يا فضل، أعطه عشرين ألف درهم، ثم قال هارون: قد حضرني رابع، فقلنا: إن رأى أمير المؤمنين أن ينشده فعل، فأنشأ يقول:
فتمنيت أن يغشيني الل هـ نعاسا لعل عيني تراك
فقلنا: يا أمير المؤمنين، أنت أشعر منا، فجوائزنا لأمير المؤمنين، فقال: جوائزكما لكما، وانصرفا.
قال أبو هفّان «6» :

الصفحة 315