كتاب نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس
وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، محسناً لنا متجاوزاً عن سيئاتنا فلم لم تفعل أنت كذلك؟ كأنك خالفت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال: فسكت زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لساناً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.
قال: ولم ذلك؟ قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده:
يطعمون الناس غباً ... في السنين الممحلات
في جفانٍ كالخوابي ... وقدور راسيات
وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك.
قال: فسكت معاوية زماناً وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكراً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح: نحن يا معاوية.
قال: ولم ذلك؟ قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارساً في الجاهلية وفارساً في الإسلام وشهد له بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفداً بالحديد؟ فقال له الطرماح: ومن أتى به؟ قال معاوية: أتى به علي.
قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبداً.
فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن؟ قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: " وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ".
قال: فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: جزاك الله خيراً من صاحب ووفر عقلك ورحم سلفك وأعطاه وأحسن إليه، انتهى.