أهل الحرمين على تحريمه». ومما تجده كذلك قول البحتري: [من الكامل]
يعشى عن المجد الغبيّ ولن ترى … في سؤدد أربا لغير أريب (¬1)
وقوله: [من الوافر]
فقد أصبحت أغلب تغلبيّا … على أيدي العشيرة والقلوب (¬2)
ومما هو شبيه به قوله: [من الكامل]
وهوى هوى بدموعه فتبادرت … نسقا يطأن تجلّدا مغلوبا (¬3)
وقوله: [من الكامل]
ما زلت تقرع باب بابل بالقنا … وتزوره في غارة شعواء (¬4)
وقوله: [من الكامل]
ذهب الأعالي حيث تذهب مقلة … فيه بناظرها حديد الأسفل (¬5)
ومثال ما جاء من السجع هذا المجيء وجرى هذا المجرى في لين مقادته، وحل هذا المحلّ من القبول قول القائل:
«اللهم هب لي حمدا، وهب لي مجدا، فلا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلّا بمال» (¬6)، وقول ابن العميد: «فإن الإبقاء على خدم السلطان عدل الإبقاء على ماله، والإشفاق على حاشيته وحشمه، عدل الإشفاق على ديناره ودرهمه».
¬__________
(¬1) البيت هو في ديوانه، والإيضاح: 337، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، يعشى: أراد يعمى، والقصد أنه لا يشغل به وطريقه الكناية. السؤدد: رفعة القدر وكرم المنصب. أرب: غاية، ومأرب، أريب: عاقل لبيب.
(¬2) البيت في ديوانه.
(¬3) البيت من الكامل، وهو في ديوانه.
(¬4) البيت في ديوانه.
(¬5) البيت في ديوانه في وصف الفرس، وقبله:
جذلان ينفض عذرة في غرة … يقق تسيل حجولا في جندل
كالرائح النشوان أكثر مشيه … عرضا على السنن البعيد الأطول
(¬6) هو مشهور من دعاء قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه، صحابي، وهذا الدعاء أورده الجاحظ في البيان والتبيين 3/ 284، وهو مذكور في ترجمته أيضا. ولكن أصح منه أنه من دعاء أبيه سعد بن عبادة، رواه ابن سعد قال: أخبرنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن سعدا بن عبادة كان يدعو» وذكر الدعاء، وتمامه عنده: «اللهم لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه»، طبقات ابن سعد 3/ 143 [محمود شاكر].