كتاب تفسير الإمام الشافعي

وصفت منفرداً مقدماً، وفي قول الله عزَّ وجلَّ - عز وجل - (أَوْ دَيْنٍ) ثم إجماع المسلمين أن لا وصية ولا ميراث إلا بعد الدين، دليل على أنَّ كل دين في صحة كان أو في مرض، بإقرار أو بينة، أو أي وجه ما كان سواء؛ لأن اللَّه - عز وجل - لم يخصَّ ديناً دون دين.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد رُوي في تبدئة الدين قبل الوصية حديث عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُثبتُ أهل الحديث مثله، أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "قضى بالدين قبل الوصية" الحديث.
وأخبرنا سفيان، عن هشام بن حُجَير، عن طاووس، عن ابن عباس رضي
الله عنهما أنه قيل له: كيف تأمرنا بالعمرة قبل الحج والله تعالى يقول: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الآية، فقال: كيف تقرؤون الدَّين قبل الوصية.
أو الوصية قبل الدَّين؟
فقالوا: الوصية قبل الدَّين، قال فبأيِّهما تبدؤون؟
قالوا: بالدَّين، قال: فهو ذاك.
الرسالة: باب (البيان الثاني) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله - بعد أن ذكر آي المواريث - قال: فاستُغني
بالتنزيل في هذا عن خبرٍ غيره، ثم كان لله فيه شرط: أن يكون بعد الوصية
والدَّين، فدلّ الخبر على أن لا يجاوز بالوصية الثلث.
الرسالة (أيضاً) : باب (ما نزل عاماً دلَّت السنة خاصة على أن يراد به الخاص) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال سبحانه: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ)
الآية، فأبان النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الوصايا مقتصر بها على الثلث لا يُتعدَّى، ولأهل

الصفحة 544