كتاب تفسير الإمام الشافعي

وإحصان الأمة إسلامها وإنما قلنا هذا استدلالاً بالسنة، وإجماع أكثر أهل
ولما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها"
ولم يقل: "محصنة كانت أو غير محصنة"، استدللنا على أن قول الله في الإماء: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) الآية.
إذا أسلمن، لا إذا نكِخن فأصبن بالنكاح - أي: زُوِّجن -، ولا إذا
أعتقن وإن لم يُصبن.
فإن قال قائل: أراك توقع الإحصان على معانٍ مختلفة؟
قيل: نعم، جماع الإحصان: أن يكون دون التحصين مانع من تناول المحرَّم.
فالإسلام مانع، كذلك الحرية مانعة، وكذلك الزوج والإصابة مانع.
وكذلك الحبس في البيوت مانع، وكل ما منع أَحصَن، قال الله:
(وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ)
وقال: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ)
يعني: ممنوعة.
وقال - الشَّافِعِي رحمه الله -: وآخر الكلام وأوله يدلان على أن معنى الإحصان المذكور عامًّا في موضع دون غيره: أن الإحصان هاهنا الإسلام، دون النكاح والحرية والتحصين بالحبس والعفاف، وهذه الأسماء التي يجمعها اسم الإحصان.
أحكام القرآن: ما يؤتر عنه في الحدود:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: في قوله - عز وجل -: (مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ)
عفائف غير خبائث.

الصفحة 588