كتاب تفسير الإمام الشافعي

الأم (أيضاً) : جماع ما يحل من الطعام والشراب ويَحرمُ:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أصل المأكول والمشروب إذا لم يكن لمالك من
الآدميين، أو أحله مالكه من الآدميين حلال، إلا ما حرّم الله - عزَّ وجلَّ في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن ما حرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزم في كتاب اللَّه - عز وجل - أن يحرم.
ويحرم ما لم يختلف المسلمون في تحريمه، وكان في معنى كتاب أو سنة أو إجماع.
فإن قال قائل: فما الحجة في أنَّ كلَ ما كان مباح الأصل يحرم بمالكه حتى
يأذن فيه مالكه؛ فالحجة فيه أن الله - عزَّ وجلَّ قال: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية.
الأم (أيضاً) : كتاب البيوع:
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: قال اللَّه تبارك وتعالى: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) الآية.
وذكَرَ اللَّه البيعَ في غير موضع من كتابه بما يدل على إباحته، فلما نهى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيوع تراضى بها المتبايعان، استدللنا على أنَّ الله - عزَّ وجلَّ أراد بما أحل من البيوع ما لم يدلّ على تحريمه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - دون ما حرَّم على لسانه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأصل البيوع كلّها مباح إذا كانت برضا المتبايعين
الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرّم بإذنه، داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك
أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى.

الصفحة 590