كتاب تفسير الإمام الشافعي

قال الشَّافِعِي رحمه اللُّه: وجاءت السنة - بمثل معنى كتاب الله - عزَّ وجلَّ، أخبرنا مسلم، وسعيد، وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها
باطل، فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأيّ امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا نكاح لها.
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فنكاحها باطل" الحديث.
وإن أصابها، فلها صداق مثلها بما أصاب منها، بما قضى لها به النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الأم (أيضاً) : باب (نكاح الولاة والنكاح بالشهادة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍى) الآية.
وقال في الإماء: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) الآية.
وقال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فهذه الآية - وما قبلها - أبين آية في كناب الله - عزَّ وجلَّ، دلالة على أن ليس للمرأة الحرة أن تنكح نفسها. ..
وفي هذه الآية الدلالة على أنّ النكاح يتمّ برضا الولي، والمنكَحة، والناكح، وعلى أن على الولي ألا يعضل، فإذا كان عليه ألا يعضل، فعلى السلطان التزويج إذا عضل؛ لأن من منع حقاً، فأمر السلطان جائز عليه أن يأخذه منه، وإعطاؤه عليه، والسنة تدلّ على ما دلَّ عليه القرآن، وما وصفنا من الأولياء والسلطان.

الصفحة 597