كتاب كلمات السداد على متن الزاد

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ

= وقال أيضاً: قال أصحابُنا ولا يَنْقُضُ الحاكمُ حُكْمَ نفسِه ولا غيرِه إلا أن يخالفَ نصّاً أو إجماعاً، قال أبو العباس: يفرق في هذا بما إذا استوفَى المحكومُ له الحقَّ الذي ثَبَتَ له من مالٍ أو لم يَسْتَوفِ فإن استوفَى فلا كلام، وإن لم يَسْتَوفِ، فالذي ينبغي نقضُ حُكْمِ نفسِه والإشارةُ على غيرِه بالنَّقْضِ، وليس للإنسانِ أن يعتقدَ أحدَ القولَيْنِ في مسائلِ النِّزاعِ فيما له، والقولُ الآخَر فيما عليه باتِّفاقِ المسلمينَ، كما يعتقدُ أنه إذا كان جاراً استحقَّ شُفعةَ الجِوَارِ وإذا كان مُشترياً لم يَجبُ عليه شُفْعَةُ الجِوَارِ ا. هـ.
قال في الاختيارات: وإن أمكنَ القاضي أن يُرسلَ إلى الغائبِ رسولاً ويَكْتُبَ إليه الكتابَ والدَّعْوَى ويُجَابَ عن الدَّعْوَى بالكتابِ والرسولِ، فهذا هو الذي ينبغي كما فَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بمُكَاتَبَةِ اليهود لما ادَّعَى الأنصارُ عليهم قَتْلَ صاحِبهم، وكاتَبَهُمْ ولم يَحْضُروه، وهكذا ينبغي أن يكونَ في كلِّ غائبٍ طُلِبَ إقرارُه أو إنكارُه إذا لم يُقِمِ الطالبُ بَيِّنةً، وإن أقامَ بَيِّنةً فمن الممكنِ أيضاً أن يُقال: إذا كان الخَصْمُ في البلدِ لم يجبْ عليه حضورُ مجلس الحاكم، بل يقولُ أرْسِلوا لي من يُعلِمُني بما يَدَّعِي به عليَّ، وإذا كان لابدَّ للقاضي من رسولٍ إلى الخَصْمِ يبلِّغُه الدَّعْوَى بحضورِه فيجوزُ أن يقومَ مقامَهُ رسولٌ، فإنَّ المقصودَ من حُضورِ الخَصْمِ سماعُ الدَّعْوَى وردُّ الجوابِ بإقرارٍ أو إنكارٍ، وهذا نظيرُ ما نصَّ عليه الإمامُ أحمدُ من أن النكاحَ يصحُّ بالمُراسَلةِ، مع أنه في الحُضُورِ لا يجوزُ تَراخِي القَبُولِ عن الإيجابِ تراخياً كثيراً، ففي الدَّعْوَى يجوزُ أن يكون واحداً لأنه نائبُ الحاكم، كما كان أُنَيسٌ نائبَ (¬1) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في إقامةِ =
¬__________
(¬1) لفظ الحديث: (واغْدُ يا أُنيسَ إلى امرأةِ هذا، فإن اعترفت فارْجُمْها) وهو متفق عليه، أخرجه البخاري، في: باب إذا اصطلحوا على صلح جور .. ، من كتاب الصلح، وفي: باب الاعتراف. بالزِّنا، من كتاب الحدود، وفي: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلاً وحده، من كتاب الأحكام، صحيح البخاري: 2/ 241، 250، 8/ 161، 208، 9/ 94، 109، 110.

الصفحة 360