كتاب كلمات السداد على متن الزاد

ويَحكُمُ على الغائبِ إذا ثبتَ عليه الحقُّ، وإن ادَّعى على حاضرٍ في البلدِ غائب عن مَجْلسِ الحُكم وأُتِي ببينةٍ لم تُسْمَعِ الدَّعْوَى ولا البَيِّنَةُ (*).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) قال في الاختيارات: ومسألةُ تحريرِ الدعوى وفروعِها ضعيفةٌ لحديثِ الحَضْرَمي في دعواه على الآخر أرضاً غيرَ موصوفةٌ، وإذا قيل لا تُسْمَعُ الدعوى إلا محرَّرَةً فالواجبُ أن من ادَّعَى مُجْمِلاً استفصَلَهُ الحاكمُ، وظاهرُ كلامِ أبي العباس صحةُ الدَّعْوَى على المُبْهَم، كدعوى الأنصارِ قَتْلَ صاحبِهم، ودعوى المسروقِ منه على بني أُبَيرِق وغيرهم، ثم المُبْهَمُ قد يكون مُطْلَقاً وقد يَنْحَصِر في قومٍ كقولها: أَنْكِحْني أَحدَهُما وزوِّجْنِي أَحدَهُما، والثبوتُ المَحْضُ يصح بلا مُدَّعَى عليه، وقد ذكره قومٌ من الفقهاء وفَعَلَه طائفةٌ من القُضاةِ وسُمعت الدَّعْوَى في الوكالةِ من غَير حُضورِ الخَصْمِ المُدَّعَى عليه. ونقلَه مُهنَّا عن أحمد، ولو كان الخَصْمُ في البلدِ، وتسمع دَعْوَى الاستيلادِ، وقاله أصحابُنا وفسَّره القاضي بأن يَدَّعَيَ استيلادَ أَمَةٍ فَتُنْكِرَه، وقال أبو العباس: بل هي المُدَّعِيةَ، ومن ادَّعَى على خَصْمِه أن بيدِه عقاراً استغلَّه مُدَّةً معيَّنةً وعيَّنَه، وإن استحقَّه فأنكرَ المُدَّعَى عليه، وأقام المُدَّعِي بيِّنةً باستيلائِه لا باستحقاقِه لزم الحاكمَ إثباتُه والشهادةُ به، كما يلزم البينة أن تَشْهَد به، لأنه كفرعٍ من أصلٍ وما لزم أصلاً الشهادةُ به لزم فرعُه حيثُ يُقْبَلُ، ولو لم تَلْزَم إعانَةُ مدَّعٍ بإثباتِ وشهاداتٍ ونحو ذلك إلا بعد ثُبوتِ استحقاقِه لزمَ الدَّوْرُ بخلافِ الحُكمِ، ثم إنْ أقامَ بينةً بأنه هو المستحِقُّ أَمَرَ بإعطائِه ما ادَّعاه وإلا فهو كمالٌ مجهولٌ يُصْرَفُ في المصالح اهـ.
قال في المقنع: ويُعتبرَ في البيِّنةِ العدالةُ ظاهراً وباطناً في اختيار أبي بكر والقاضي، وعنه تُقبل شهادةُ كلِّ مسلمٍ لم تظهرْ منه ريبةٌ اختاره الخِرقي. =

الصفحة 364