كتاب مسند الشافعي
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
نبذة عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله
الْحَمد لله رب الْعَالمين. وَصلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
هَذَا كتاب الْمسند للشَّافِعِيّ.
وَكفى الشَّافِعِي فخرا أَنه الشَّافِعِي
- ان هَذَا الرجل لم يظْهر مثله فِي عُلَمَاء الاسلام، فِي فقه الْكتاب وَالسّنة، ونفوذ النّظر فيهمَا ودقة الاستنباط. مَعَ قُوَّة الْعَارِضَة، وَنور البصيرة، والابداع فِي إِقَامَة الْحجَّة وإفحام مناظره. فصيح اللِّسَان، ناصع الْبَيَان، فِي الذرْوَة الْعليا من البلاغة. تأدب بأدب الْبَادِيَة، وَأخذ الْعُلُوم والمعارف عَن أهل الْحَضَر، حَتَّى سما عَن كل عَالم قبله وَبعده. نبغ فِي الْحجاز، وَكَانَ إِلَى علمائه مرجع الرِّوَايَة وَالسّنة، وَكَانُوا أساطين الْعلم فِي فقه الْقُرْآن، وَلم يكن الْكثير مِنْهُم أهل لسن
وجدل، وكادوا يعجزون عَن مناظرة أهل الرَّأْي، فجَاء هَذَا الشَّاب يناظر وينافح، وَيعرف كَيفَ يقوم بحجته، وَكَيف يلْزم أهل الرَّأْي وجوب اتِّبَاع السّنة، وَكَيف يثبت لَهُم الْحجَّة فِي خبر الْوَاحِد، وَكَيف يفصل للنَّاس طرق فهم الْكتاب على مَا عرف من بَيَان الْعَرَب وفصاحتهم، وَكَيف يدلهم على النَّاسِخ والمنسوخ من الْكتاب وَالسّنة، وعَلى الْجمع بَين مَا ظَاهره التَّعَارُض فيهمَا أَو فِي أَحدهمَا، حَتَّى سَمَّاهُ أهل مَكَّة «نَاصِر الحَدِيث». وتواترت أخباره إِلَى عُلَمَاء الاسلام فِي عصره، فَكَانُوا يفدون إِلَى مَكَّة لِلْحَجِّ، يناظرونه وَيَأْخُذُونَ عَنهُ فِي
الصفحة 3
372