كتاب الدرة الثمينة في أخبار المدينة - ط بحوث المدينة

دخلتُ المدينةَ فأتيتُ قبرَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فجاءَ أعرابيٌ فزارَهُ، ثُمَّ قالَ: يا خيرَ المرسلين؛ إنَّ اللهَ - عز وجل - أنزلَ عليكَ كتابًا صادقًا قال فيه: (وَلَو أَنَّهُم إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا) (¬١)، وإني جئتك مستغفرًا إلى ربي من ذنوبي، مستشفعًا بك، ثم [بكى] (¬٢) وأنشأَ يقولُ:
يا خيرَ مَنْ دُفِنْتَ بالقاعِ أعْظُمُهُ ... فطابَ مِنْ طيبهِنَّ القاعُ والأكمُ
نفسي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنُهُ ... فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ (¬٣)
ثم استغفرَ وانصرفَ، فرقدتُ فرأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((الْحق الرجلَ فبشرْه أنَّ (¬٤) اللهَ - عز وجل - قَدْ غَفَر له بشفاعتي)) (¬٥)
---------------
(¬١) سورة النساء، الآية ٦٤.
(¬٢) في (أ) و (ب): (بكا).
(¬٣) في (ج) و (د) زيادة بيت ثالث:
أَنْتَ النَّبيُّ الذي تُرجى شفاعتُهُ ... عِنْدَ الصراطِ إذا ما زَلَّتِ القدمُ
(¬٤) في (ج) و (د): (بأن).
(¬٥) تخريج الأثر رقم (٣٤٠):
أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، ح رقم ٤١٧٨، ٣/ ٤٩٥، من طريق أبي زيد الرقاشي عن محمد بن روح.
ذكره الزين المراغي في تحقيق النصرة، ص ١١١، نقلاً عن ابن النجار، وابن عساكر، وابن الجوزي.
ذكره ابن عساكر في إتحاف الزائر، ص ٦٩، عن محمد بن حرب الهلالي.
كما أخرجه ص ٦٧ قائلاً: قال شيخنا أبو عمرو (هو ابن الصلاح) رحمه الله: ومن أحسن ما يقول: قول الأعرابي الذي حكاه جماعة من الأئمة مستحسنين له عن العتبي، واسمه محمد بن عبيد الله.
ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره ١/ ٥١٩ - ٥٢٠، فقال: وقد ذكر جماعة، منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي، وذكرها كاملة، كما ذكر هذه الحكاية ابن قدامة المقدسي في المغني ٣/ ٥٥٧ ...................... =

الصفحة 439