كتاب الفروق الفقهية والأصولية
في بيان أقسام الحكم الشرعي: (وإذا عرف معنى الحكم الشرعي فهو إما أن يكون متعلقاً بخطاب الطلب والاقتضاء، أو لا. فإن كان الأول فالطلب إما للفعل أو للترك، وكل واحد منهما إما جازم أو غيره. فما تعلق بالطلب الجازم للفعل أو للترك، وكل واحد منهما إما جازم أو غيره. فما تعلق بالطلب الجازم للفعل فهو الوجوب، وما تعلق بالطلب الجازم للترك فهو الحرمة، وما تعلق بغير الجازم فهو للكراهة.
وإن لم يكن متعلقاً بخطاب الاقتضاء فإما أن يكون متعلقاً بخطاب التخيير، أو غيره، فإن كان الأول فهو الإباحة، وإن كان الثاني فهو الحكم الوضعي، كالصحة والبطلان، ونصب الشيء سبباً ...) (¬1). فمثل هذا التقسيم والحصر الذي ذكره الآمدي (ت 631 هـ) تتضح منه الفروق بين الحكمين الوضعي والتكليفي، كما تتضح منه الفروق بين أربعة أنواع من الحكم التكليفي هي: الوجوب، والحرمة، والكراهة، والإباحة.
ومما يوضح ذلك من التعريفات، قول الآمدي (ت 631 هـ) أيضاً، في تعريف المحظور أو الحرام: (هو ما ينتهض فعله سبباً للذم شرعاً بوجهٍ ما، من حيث هو فعل له) (¬2). فبعد ذكر هذا التعريف، ذكر قيوده، فقال: (فالقيد الأول فاصلٌ له عن الواجب والمندوب وسائر الأحكام، والثاني فاصل له عن المخيّر ... والثالث فاصل له عن المباح الذي يستلزم فعلُه تَرْكَ واجبٍ، فإنّه يُذَمُّ عليه، لكن لا من جهة فعله، بل لما لزمه من ترك الواجب) (1).
وقد يتطرقون، أحياناً، إلى الفروق بالتنصيص عليها من خلال بحثهم في موضع معين، كالذي فعله الآمدي (ت 631 هـ) وغيره، عند الكلام
¬__________
(¬1) الإحكام (1/ 96).
(¬2) الإحكام (1/ 113).
الصفحة 135
198