كتاب الفروق الفقهية والأصولية

بمسائل معينة، ربما كانت مثار اختلاف أو جدل نتيجة اختلاط مفاهيمها عند بعض العلماء، وسنذكر طائفة منها في المطلب التالي.
ولعل كتاب أنوار البروق في أنواء الفروق لأبي العباس القرافي المتوفي سنة (684 هـ) هو الكتاب اليتيم الذي يُذْكر في هذا المجال، ولكنه كان متسع الجوانب متشعباً في فروقه، ولم يكن خاصاً في مجال الفروق بين المصطلحات الأصولية، وعدّ ما فيه فروقاً بين القواعد، أو فروقاً بين الأصول فيه ضرب من التساهل، إذ الكتاب – كما سنعلم ذلك من التعريف به- متنوع الموضوعات، جامع لمصطلحات تدخل في مجالات عدة، منها ما هي في الأصول، ومنها ما هي في الفقه، ومنها ما هي في مجالات أخر.
هذا ما يتعلق بالمجال الأول، أما المجال الثاني في التفريق بين الأصول، الذي هو بيان الفروق بين الأصول أو القواعد عن طريق بيان الفروق بين الأحكام، فيكون ذلك بردّ الخلافات في أحكام الفروع إلى أصول، يختلف بعضها عن بعض، فيما يترتب عليه من أحكام، ومن الممكن أن نجد في الكتب المؤلفة في تخريج الفروع على الأصول نموذجاً لها، في طائفة من الأحكام.
وقد ظهر هذا النوع من التفريق في القرن الرابع الهجري، وفق المعلومات المتوفرة لدنيا. إذ إن أقدم كتاب عرفناه واطلعناه عليه في هذا المجال هو كتاب (تأسيس النظائر) لأبي الليث السمرقندي الحنفي المتوفي سنة (373 هـ) (¬1). وفي القرن الخامس عرفنا كتاب (تأسيس
¬__________
(¬1) هو أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي الحنفي، الملقب بإمام الهدى، وهو من علماء الحنفية المشهورين، قال عنه القرشي: (هو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة) توفي سنة (373 هـ)، وقيل سنة (393 هـ). ... =

الصفحة 146