كتاب الفروق الفقهية والأصولية
عليه حجّاً أو عمرة، لأن البيت يدخل في الحرم في الذكر اللفظي العام، فصار كما لو ذكر بيت الله تعالى - نصاً- وفي هذا تفريق بين ما يتناوله اللفظ، في دلالته، عن طريق العموم، وما يتناوله عن طريق النص والخصوص.
ولو لم يكن هناك فرق ما اختلف الحكمان عند الاختلاف في هذا الأصل (¬1). وعلى ذلك بنوا مسائل كثيرة، منها: أنه إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ كأمي ولا نية له فإنه لا يصير مظاهراً عند أبي حنيفة، وذلك لأن ظهر الأم إنما يدخل بطريق العموم، فلا يجعل كالمخصص به. وعند صاحبيه يصير مظاهراً (1).
2 - ذهب الشافعي (ت 204 هـ) - رحمه الله- إلى أن الخارج النجس من غير السبيلين لا ينقض الوضوء، لأن النص ورد بخروجه من أحد السبيلين، خلافاً لأبي حنيفة (ت 150 هـ) - رحمه الله- الذي ذهب إلى أنه ناقضٌ للوضوء. ومن ذلك عدم إيجاب الكفارة فيمن أفطر في نهار رمضان عامداً بالأكل والشرب، لأن النص ورد بخصوص الجماع، خلافاً للحنفية الذين أوجبوها بذلك أيضاً. وهذا بناء على التفريق بين العلة المتعدية والعلة القاصرة، فالحنفية يمنعون التعليل بالقاصرة متى أمنت المتعدية، والشافعية يجيزون ذلك:
¬__________
= وغيرها.
راجع في ترجمته: الجواهر المضيّة (3/ 111)، والفهرست ص (286)، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص (134)، وأخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص (90)، والفتح المبين (1/ 108)، ومعجم المؤلفين (13/ 240).
(¬1) انظر هذا الأصل والفروع المبنية عليه في تأسيس النظر ص (22 - 26).
الصفحة 150
198