كتاب مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (اسم الجزء: 1)

يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، فلما وصل الكتاب استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا، فهددهم بالضرب، وقطع الأرزاق، فأجاب أكثرهم مكرهين، واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك، وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد.1
ولمّا اقتربا من طرسوس جاءهما الصريخ بموت المأمون.2
ولكنه- عفا الله عنه- لم يودع هذه الدنيا من غير أن يوصي أخاه المعتصم بالاستمساك بمذهبه في القرآن، ودعوة الناس إليه بقوة السلطان. ولهذه الوصية لم تنقطع المحنة بوفاة المأمون، فأعيد إلى السجن ولبث فيه (ثمانية وعشرين شهراً) وقيل: نيفاً وثلاثين شهراً.3
ورأى المعتصم تنفيذ وصية أخيه، والقيام بدوره في المحنة، فعقد مجلساً حضره مستشاره ابن أبي دؤاد، واستدعى الإمام أحمد من السجن، وأحضر المعتصم له الفقهاء من المتكلمين فناظروه بحضرته لمدة ثلاثة أيام، وهو يناظرهم، ويظهر عليهم بالحجج القاطعة ويقول: أنا رجل علمت
__________
1 البداية والنهاية 10/346، المنهج الأحمد 1/181-182 وأصول مذهب الإمام أحمد ص42.
2 سير أعلام النبلاء 11/241 والبداية والنهاية 10/346.
3 سير أعلام النبلاء 11/252 وأصول مذهب الأمام أحمد ص44.

الصفحة 110