كتاب مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (اسم الجزء: 6)
قال إسحاق: كما قال.
[2332-] قلت لأحمد: الأم تأخذ من مال ولدها؟
قال: لا.
قال إسحاق: كلما احتاجت، أخذت كسوتها، ونفقتها بالمعروف وهي مثل الأب، وأحسن حالاً1.
__________
1 الأصل في ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله إن لي مالاً، ووالداً، وإن والدي يريد يجتاح مالي؟ قال: "أنت ومالك لوالدك"، وحديث عمارة بن عمير، عن عمته، أنها سألت عائشة رضي الله عنها: في حجري يتيم، أفآكل من ماله؟ فقالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه".
قال الخطابي في معالم السنن: فيه من الفقه أن نفقة الوالدين واجبة على الولد إذا كان واجداً لها، وهو قول سائر الفقهاء.
انظر: سنن أبي داود كتاب البيوع، باب الرجل يأكل من مال ولده 3/800، وسنن ابن ماجه كتاب التجارات، باب مال الرجل من مال ولده 2/769، ومسند الإمام أحمد 2/214، ومصنف ابن أبي شيبة كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ من مال ولده 7/157 – 161، والمنتقى لابن الجارود حديث رقم 995 ص 331، ومشكل الآثار للطحاوى 2/230.
قلت: ولا شك أن الأم مقدمة على الوالد في بر ولدها وإحسانه لحديث أبي هريرة في الصحيح وغيره أن رجلاً "جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك".
انظر: البخاري مع الفتح كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة 10/401، وسنن ابن ماجه كتاب الأدب، باب بر الوالدين 2/1207.
وعلى هذا فإن للأم أن تأكل من مال ولدها بالمعروف كما قال إسحاق: إن احتاجت إليه وعنده فضل في قوته، أما أن تأخذ من مال ولدها، بلا قيد ودون حاجة، فهذا مالا يكون، ولعل هذا هو ما قصده الإمام أحمد من منع الأم أن تأخذ من مال ولدها، حسبما يظهر لي إذ لو أُطْلِقَتْ يد المرأة – وإن كانت أُمًّا – في مال ولدها لَتَعَرَّضَ للضياع، والتبذير، لأن القِوَامَةَ على النساء وليست لهن، ولأنهن ناقصات عقل ودين كما ورد في السنة.
وقد ذكر ابن أبي شيبة في كتاب البيوع، باب في الوالد يأخذ من الولد، أو يبيع له الشيء 7/60 عن شريح، وابن أبي ليلى، وعبد الله الجدلي أنهم حبسوا رجلاً في خادم باعه لابنته، وآخر أخذ مهر ابنته فإن كان هذا في حق الوالد وهو مظنة حسن التصرف، فكيف بالمرأة.
وفي مسائل ابن هانىء 2/11، 14: سئل أحمد عن المرأة تتصدق من مال ابنها؟ قال: لا تتصدق إلا بإذنه، وعن الأب قال: كل شيء يأخذ من مال ولده فيقبضه، فله أن يأكل ويعتق، ولمَّا سئل عن حديث: "أنت ومالك لأبيك"؟ قال: يأخذ من مال ولده ما شاء، وقال مرة: يأكل من مال ولده، ما لم يفسد.