كتاب التنبية في الفقه الشافعي

باب الوقف
والوقف قربة مندوب اليه ولا يصح إلا ممن يجوز تصرفه في ماله ولايصح إلا في عين معينة فإن وقف شيئا في الذمة بأن قال وقفت فرسا أو عبدا لم يصح ولا يصح إلا في عين يمكن الانتفاع بها مع بقائها على الدوام كالعقار والحيوان والأثاث فإن وقف مالا ينتفع به مع بقائه كالأثمان والطعام أو مالا ينتفع به على الدوام كالمشموم لم يجز ولا يجوز إلا على معروف وبر كالوقف على الأقارب والفقراء والقناطر وسبل الخير فإن وقف على قاطع الطريق أو على حربي أو مرتد لم يجز وإن وقف على ذمي جاز ولا يجوز أن يقف على نفسه ولا على مجهول كرجل غير معين ولا على من لا يملك الغلة كالعبد والحمل فإن وقف على من يجوز ثم على من لا يجوز بطل في أحد القولين وصح في الآخر ويرجع إلى اقرب الناس الى الواقف وهل يختص به فقراءهم أو يشترك فيه الفقراء والاغنياء فيه قولان: وقيل يختص به الفقراء قولا واحدا فإن وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز فقد قيل يبطل قولا واحدا وقيل فيه قولان: أحدهما يبطل والثاني يصح فإن كان ممن لا يجوز الوقف عليه ممن لا يمكن اعتبار انقراضه كالمجهول صرف الغلة إلى من يصح وإن كان ممن يمكن اعتبار انقراضه كالعبد فقد قيل يصرف في الحال إلى من يجوز الوقف عليه وقيل لا يصرف إليه إلى أن ينقرض وقيل يكون لأقرباء الواقف الى ان ينقرض ثم يصرف الى من يجوز الوقف عليه وإن وقف على رجل بعينه ثم على الفقراء فرد الرجل بطل في حقه وفي حق الفقراء قولان فإن وقف وسكت عن السبل1 بطل في احد القولين ويصح في الآخر فيصرف الى أقرب
__________
1 - السبل: من سبلت الشيء إذا ابحته وفي حديث عمر: احبس أصلها وسبل ثمراتها: أي اجعلها وقفا وأبح ثمرتها لمن وقفتها عليه لسن العرب 311.

الصفحة 136